تحليل SP: بنك UBS يدرس نقل مقره الرئيسي إلى الولايات المتحدة إذا شدّدت سويسرا المتطلبات الرأسمالية
25.11.2025هدّد عملاق المصارف السويسرية UBS، الذي استحوذ العام الماضي على بنك كريدي سويس المتعثر وأصبح لاعباً مالياً عالمياً أكبر، بأنه قد ينقل مقره الرئيسي خارج سويسرا – وصولاً إلى الولايات المتحدة – إذا أصرت السلطات السويسرية على تشديد كبير في الأنظمة الرأسمالية المفروضة على البنوك. تأتي هذه التصريحات بعد الجدل الذي رافق عملية استحواذ كريدي سويس، بما في ذلك شطب سندات AT1 بقيمة 16.5 مليار فرنك سويسري، ما أثار نزاعات قانونية وإعادة تقييم للقرارات التنظيمية.
الخلفية: استحواذ كريدي سويس ومصير سندات AT1
في 19 مارس 2023، استحوذ UBS، بدعم من الحكومة، على منافسه المتعثر كريدي سويس في عملية إنقاذ عاجلة لتفادي انهيار النظام المالي. ونتج عن ذلك قيام كيان مصرفي “عملاق” تتجاوز أصوله 5 تريليونات دولار، ما أثار المخاوف بشأن استقرار الاقتصاد إذا وقع هذا العملاق في أزمة. ومن ضمن الحزمة كان الشطب الكامل لسندات AT1 التابعة لكريدي سويس بقيمة 16.5 مليار فرنك سويسري، وهو إجراء فرضته هيئة FINMA لزيادة رأس مال البنك. وقد صُممت هذه السندات، التي استُحدثت بعد أزمة 2008، لامتصاص الخسائر في الحالات الطارئة. غير أنّ القرار في حالة كريدي سويس كان غير مسبوق – إذ حصل المساهمون على نحو 3.25 مليار دولار في شكل أسهم UBS، فيما خسر حملة سندات AT1 كامل قيمة استثماراتهم، في مخالفة للترتيب المعتاد للأولويات، ما صدم الأسواق. وقد أثار ذلك غضباً شديداً لدى المستثمرين وموجة دعاوى قضائية في سويسرا والولايات المتحدة وغيرها.
النتائج القانونية لهذا القرار التنظيمي بدأت تظهر بالفعل. ففي أكتوبر 2025، قضت المحكمة الإدارية الفدرالية السويسرية بأن قرار الشطب الكامل لسندات AT1 كان غير قانوني، معتبرة أنه شكل انتهاكاً خطيراً لحقوق الملكية من دون أساس قانوني واضح. هذا الحكم (غير النهائي والمتوقع استئنافه) أعطى الدائنين أملاً بالحصول على تعويضات جزئية على الأقل. ويرى محللون أن قيمة التعويضات – حتى لو أُقرت – لن تصل إلى القيمة الاسمية الكاملة، إذ كانت تلك السندات تتداول دون قيمتها الاسمية قبل الانهيار. ومع ذلك، فإن الرسالة قوية: تصرف السلطات السويسرية في قضية كريدي سويس أصبح تحت المجهر، وقد تكون له آثار على UBS نفسه. ويشير بعض الخبراء إلى أن قرار FINMA المثير للجدل أوقع UBS في مأزق إضافي، وربما عزز موقعه التفاوضي ضد القواعد الجديدة، لاعتبار أن السلطات تتحمل “مسؤولية أخلاقية” لتخفيف الضغط عن البنك.
تصريحات الرئيس التنفيذي لـ UBS والمفاوضات عبر الأطلسي
بعد فترة قصيرة من بدء دمج كريدي سويس، أعلنت الحكومة السويسرية نيتها تشديد الأنظمة الخاصة بالبنوك ذات الأهمية النظامية. وفي يونيو 2025، اقتُرح برنامج من 31 إجراء ضمن مراجعة إطار “أكبر من أن يفشل”، تضمّن بنداً مثيراً للجدل يقضي بأن تغطي البنوك النظامية رأس مال جميع فروعها الأجنبية المهمة من رأس مال الشركة الأم. وقد وُجهت هذه المقترحات عملياً نحو UBS، وسُمّيت إعلامياً بـ “lex UBS”. ووفق التقديرات الأولية، سيتعيّن على UBS جمع نحو 19 مليار فرنك إضافية من رأس المال الأفضل جودة (CET1)، فوق 18 مليار فرنك المطلوبة بسبب استحواذه على كريدي سويس. وبالمجمل، كان يُتداول حديث عن نحو 26 مليار فرنك إضافية. وقد عارضت إدارة UBS هذه المتطلبات بشدة، ووصفتها بالمبالغ فيها والمدمرة. وصرّح سيرجيو إرموطي، الرئيس التنفيذي، بأن هذه القواعد “لن تنجح بالنسبة لنا” وأنها صارمة إلى حد يضرّ القدرة التنافسية للبنك وللمركز المالي السويسري. وأضاف: “نريد أن نبقى بنكاً سويسرياً، لكن هذه القواعد لا تناسبنا”، معتبراً الوضع “خطيراً للغاية”. وألمح إلى أن UBS قد يتخذ خطوات بديلة إذا لم يتم التوصل إلى حل، ودعا إلى تسوية تعزّز النظام المالي دون الإضرار بالقدرة التنافسية الدولية للبنك.
في هذا السياق، ظهرت في أواخر 2025 تقارير تفيد بأن UBS يدرس نقل مقره خارج سويسرا إذا لم تتراجع الحكومة عن قواعدها الأكثر صرامة. وبحسب صحيفة New York Post، عقد وفد من UBS برئاسة كولم كيليهر وإرموطي سلسلة اجتماعات مع مسؤولين أمريكيين لبحث إمكانية نقل المقر إلى الولايات المتحدة، وربما الاستحواذ على بنك أمريكي متوسط الحجم كجزء من هذه الخطوة. ومن بين الأسماء المطروحة: PNC Financial وBank of New York Mellon.
الأنباء أثارت ضجة كبيرة داخل سويسرا وخارجها. وفي نوفمبر 2025، أفادت Financial Times بأن كيليهر تحدث بشكل خاص مع وزير الخزانة الأمريكي (سكوت بيسنت وفق التقارير) حول الجوانب التقنية لنقل المقر إلى أمريكا. وتشير المصادر إلى أن الحكومة الأمريكية عبّرت عن استعدادها لاستقطاب العملاق السويسري، وأن إدارة الرئيس دونالد ترامب تنظر إلى ذلك بعين إيجابية. وتكشف هذه التحركات أن UBS يدرس “الخطة ب” بجدية، فيما يمارس ضغطاً على برن في الوقت نفسه.
من جانبها، حاولت UBS تهدئة الوضع. وقالت إنها “ترغب في مواصلة العمل بنجاح كبنك عالمي من سويسرا”. ورفضت المتحدثة التعليق على التقارير المتعلقة بالمفاوضات مع المسؤولين الأمريكيين، ووصفتها بأنها تكهنات. واستشهدت بتصريح سابق لإرموطي يقول فيه إنه “من المبكر جداً التعليق على أي سيناريو محتمل أو ردود البنك على متطلبات عقابية ومبالغ فيها”. هذا الرد يشير إلى أن خيار الانتقال يبقى مطروحاً تقنياً، لكنه يُستخدم أساساً كورقة ضغط. أما الحكومة السويسرية فبقيت ثابتة، إذ صرّحت رئيسة الكونفدرالية ووزيرة المالية كارين كيلر-سوتر أن موقع المقر ليس قراراً للحكومة الفدرالية، وأن “التهديد بالمغادرة ليس جديداً”.
تبعات احتمال انتقال مقر UBS
إمكانية رحيل UBS – رمز المصارف السويسرية – تثير أسئلة اقتصادية وسياسية وسمعية. اقتصادياً، سيكون للأمر آثار كبيرة: UBS من أكبر أرباب العمل في القطاع المالي، وفقدان المقر يعني رحيل وظائف عالية المستوى وانخفاض مهم في الضرائب. وقد يتراجع مكانة زيورخ كعاصمة مالية عالمية إذا لم يعد UBS بنكاً عالمياً مقره سويسري. ويحذر خبراء من أن ذلك “سيقوض الثقة في القطاع المالي السويسري”.
أما الولايات المتحدة فستستفيد من قدوم مقر بنك عالمي، ما يعزز أسواقها المالية ويعطيها وزناً إضافياً. لكن ذلك سيضع على عاتق الجهات التنظيمية الأمريكية مسؤولية الإشراف على مؤسسة تفوق أصولها الناتج المحلي الإجمالي لسويسرا. سياسياً، قد يؤدي رحيل UBS إلى أزمة داخلية: البعض سيتهم الحكومة بالمبالغة في الضغط على البنك، والبعض الآخر سيرى أن البنك يمارس “ابتزازاً”. وتشير استطلاعات الرأي إلى أن 61٪ من السويسريين يؤيدون تشديد المتطلبات على UBS حتى لو كانت أعلى من الدول الأخرى، بينما يرى 67٪ أن مغادرة UBS ستضر بسويسرا – ما يعكس الغضب من إنقاذ كريدي سويس والخوف من خسارة رمز وطني.
الضرر السمعة كبير أيضاً. فقد تضررت صورة سويسرا كمركز مالي مستقر بعد انهيار كريدي سويس، ورحيل UBS قد يبعث برسالة خطيرة للمستثمرين بأن البيئة التنظيمية لم تعد مستقرة. وفي المقابل، قد يخاطر UBS بفقدان ثقة بعض عملائه الذين يقدّرون الهوية السويسرية للبنك.
ورغم أن UBS مؤسسة عالمية تحقق معظم أرباحها خارج سويسرا، إلا أن مغادرة المقر قد تدفع السلطات السويسرية إلى اتخاذ إجراءات مضادة، ما قد يعقّد العلاقات بين الطرفين ويزيد المخاطر السمعة.
آراء الخبراء والبحث عن حل وسط
الخبراء منقسمون حول مدى واقعية انتقال UBS. يرى كثيرون أنها “ورقة ضغط” أكثر من كونها نية فعلية. ويقول ديفيد بنامو، مدير صندوق Axiom، إن UBS بنك عالمي لكن جذوره السويسرية جزء من هويته، وإن مغادرة سويسرا ستكون ضارة. ويحذر من أن سويسرا قد ترد بإجراءات متشددة، وأن الدخول بقوة في السوق الأمريكية يحمل صعوبات، نظراً لصرامة القوانين المنافسة.
كما يشير خبراء القانون المصرفي إلى أن تسوية قضية AT1 ربما خففت من حدة الموقف السياسي تجاه UBS، ما يمنحه بعض التعاطف في مفاوضاته. وتوضح التقارير أن الحكومة وUBS يتجهان نحو تسوية تخفض متطلبات رأس المال الإضافية إلى 4–7 مليارات فرنك فقط، بدلاً من 20 ملياراً أو أكثر.
من منظور اليوم، يبدو أن الطرفين لا يرغبان في الوصول إلى نقطة الانفجار. فـUBS جزء أساسي من الاقتصاد السويسري، وسويسرا توفر له بيئة قانونية مستقرة وسمعة فريدة. لذلك، من المرجح التوصل إلى حل وسط يضمن متطلبات رأسمالية “معقولة” تعزز المتانة دون الإضرار بالقدرة التنافسية للبنك، بما يسمح له بمواصلة نشاطه العالمي من مقره التقليدي في زيورخ، مع طمأنة الرأي العام بأن كارثة كريدي سويس لن تتكرر.
/ / /
"Standard Prva" LLC Bijeljina هي شركة مسجلة في بييلينا في المحكمة التجارية في بييلينا. تشمل أنشطة الشركة المحاسبة وشراء الديون واستثمار رأس المال وخدمات أخرى ذات صلة. تعتبر الديون المتعثرة جزءًا من المجموعة التي تقوم فيها الشركة بشراء الديون التي تعمل ولم تعود بانتظام. مكتب المحاماة Stevanović هو المكتب الرائد للمحاماة في المنطقة مع مقر في بييلينا. تعبر اختصار LO عن مكتب محاماة Vesna Stevanović ومكتب محاماة Miloš Stevanović. للاتصال: press@advokati-stevanovic.com أو عبر الهاتف 00387 55 22 4444 أو 00 387 55 230 000.



