ألاسكا: حل المشكلة أم إطالة أمد الأزمة

ألاسكا: حل المشكلة أم إطالة أمد الأزمة

09.08.2025

بقلم: ميلوش ستيفانوفيتش وبوجانا سيمييتش

بداية جديدة في ألاسكا؟ جسر بين الشرق والغرب

دونالد ترامب وفلاديمير بوتين خلال لقائهما في هلسنكي عام 2018. والآن يستعد الزعيمان لاجتماع جديد في 15 آب/أغسطس 2025 في ألاسكا، والذي يراه كثيرون فرصةً لنقطة تحوّل في العلاقات المتوترة وإنهاء الحرب في أوكرانيا. هذا القمّة المنتظرة منذ زمن طويل جذبت انتباه الرأي العام العالمي – إذ توقظ أملاً حذراً في إمكانية تلمّس السلام بعد سنوات من الصراع، لكنها تثير أيضاً العديد من الأسئلة حول ما الذي سيعنيه الاتفاق بالنسبة للجيوسياسة العالمية. وبنبرة جدية في السياسة الخارجية، ممزوجة بقدر من العاطفة والأمل، نقوم بتحليل الأهداف المحتملة للاجتماع، ورمزية اختيار ألاسكا، والعواقب الجيوسياسية على أمن الطاقة، وأهمية اللقاء بالنسبة لتوازن القوى العالمي، وكيف يمكن لاتفاق ترامب–بوتين أن يؤثر على تهدئة التوترات في البلقان، خاصة في البوسنة والهرسك.

أهداف الاجتماع: السلام لأوكرانيا يلوح في الأفق

الموضوع الرئيسي لاجتماع ترامب–بوتين المرتقب سيكون إنهاء الحرب في أوكرانيا، وهي أعنف صراع في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنه في 15 آب/أغسطس سيستضيف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا لمحاولة التفاوض على نهاية حرب استمرت ثلاث سنوات ونصف. وأشار ترامب إلى أن وقف إطلاق النار بات في المتناول، وأن الاتفاق قد يشمل "نوعاً من تبادل الأراضي" بين الأطراف المتحاربة. وهذا يعني أن أوكرانيا قد تضطر لقبول التنازل عن جزء من الأراضي التي تحتلها القوات الروسية، وهو خيار مثير للجدل تخشى منه كييف وحلفاؤها الأوروبيون منذ فترة طويلة.

الجانب الأوكراني يبقى متفائلاً بحذر. فقد كرر الرئيس فولوديمير زيلينسكي عدة مرات أنه مستعد لتقديم تنازلات صعبة من أجل السلام، لكن ليس للتخلي عن الأراضي السيادية. ومع ذلك، شدد زيلينسكي في خطابه إلى الأمة على أن الهدنة ممكنة إذا تم ممارسة ضغط كافٍ على روسيا. ومن جانبه، لا يزال بوتين يصر على أحقيته في المناطق الأوكرانية المحتلة – دونيتسك، لوغانسك، زابوروجيا، وخيرسون – وكذلك شبه جزيرة القرم التي تم ضمها عام 2014. هذه المواقف القصوى لموسكو كانت حتى الآن تعيق مفاوضات السلام. وقد أجرى مبعوثو ترامب خلال الأشهر الماضية دبلوماسية مكوكية مكثفة؛ إذ عقد المبعوث الخاص ستيف ويتكوف محادثات مطوّلة مع بوتين في موسكو وصفتها كلا الجانبين بأنها "بناءة". كل ذلك يغذي الأمل في أن هذا اللقاء على القمة قد يشكل نقطة تحول نحو وقف القتال.

وعلى الرغم من أن تفاصيل الاتفاق المحتمل لم يتم تأكيدها علناً، فمن الواضح أن المحادثات ستكون معقدة. يشير المراقبون إلى أن التحدي الرئيسي سيكون كيفية التوفيق بين متطلبات أوكرانيا الأمنية – التي تصر على الضمانات الدولية والحفاظ على السيادة – وبين مطالب موسكو الحثيثة على حياد أوكرانيا والاعتراف بالمكاسب الإقليمية الروسية. أي حل يشمل التنازل رسمياً عن جزء من الأراضي الأوكرانية لموسكو سيشكل سابقة مؤلمة وخطيرة سياسياً لكييف. وقد حذر القادة الأوروبيون، مثل رئيس وزراء كرواتيا أندريه بلينكوفيتش، علناً من أن "مكافأة المعتدي بمنحه الأراضي التي احتلها" ستكون سابقة مخيفة ونهاية فعلية للقانون الدولي. لذلك سيتعين على ترامب وفريقه التفاوضي أن يوازنوا بعناية – لوقف إراقة الدماء وتحقيق هدف السلام، دون زعزعة المبادئ التي يقوم عليها النظام العالمي.

ألاسكا كرمز: جسر بين الشرق والغرب

اختيار ألاسكا كمكان للاجتماع يحمل رمزية قوية وأسباباً عملية. أولاً، ألاسكا هي الولاية الأمريكية الوحيدة التي تحد روسيا – في أقصى غربها، عبر مضيق بيرينغ، تبعد مسافة 88 كيلومتراً فقط عن السواحل الروسية. هذا القرب الجغرافي يجعلها ساحة منطقية وأكثر حياداً لاجتماع قادة القوتين. ولا يقل أهمية أن ألاسكا كانت يوماً أرضاً روسية: فقد باعتها الإمبراطورية الروسية للولايات المتحدة عام 1867 مقابل 7.2 مليون دولار. والآن، بعد قرن ونصف، تصبح الأرض الأمريكية التي كانت يوماً تابعة لروسيا مكاناً لحوار جديد بين موسكو وواشنطن – دائرة تاريخية من نوع ما تعطي أملاً بأن ألدّ الخصوم يمكن أن يعودوا إلى نفس الطاولة.

كما أن لألاسكا أهمية استراتيجية. فقد أشار حاكم الولاية مايك دنليفي إلى أن ألاسكا تقع عند ملتقى أمريكا الشمالية وآسيا، ويحدها القطب الشمالي شمالاً والمحيط الهادئ جنوباً، وأنها "كانت لقرون جسراً بين الشعوب ولا تزال اليوم بوابة للدبلوماسية والتجارة والأمن". وبسبب هذا الموقع الفريد، يرى دنليفي أنه من المناسب أن تجرى محادثات ذات أهمية عالمية هنا، حيث يلتقي الشرق بالغرب. وقد رحب الكرملين أيضاً بالموقع واعتبره "منطقياً تماماً" – حيث أشار مستشار بوتين يوري أوشاكوف إلى أن المصالح الاقتصادية لروسيا وأمريكا تتقاطع في ألاسكا ومنطقة القطب الشمالي، وهناك فرص لمشاريع مشتركة كبيرة. بمعنى آخر، فإن اللقاء في ألاسكا ليس مجرد خيار جغرافي مناسب، بل إشارة إلى إمكانية التعاون في القطب الشمالي الغني بالموارد، بدلاً من الصراع.

ولا ينبغي إغفال الجانب القانوني لاختيار ألاسكا. فبالنسبة للرئيس الروسي، الذي تلاحقه مذكرة اتهام دولية من المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا، فإن السفر إلى معظم الدول يحمل خطر الاعتقال. غير أن الولايات المتحدة ليست عضواً في المحكمة الجنائية الدولية، وليست ملزمة بتنفيذ هذا الأمر. وهذا أتاح لواشنطن دعوة بوتين إلى الأراضي الأمريكية دون عوائق. وكانت وسائل الإعلام قد تكهنت سابقاً بوجهات محايدة مثل الإمارات العربية المتحدة أو تركيا كمكان للقاء، لتجنب ولاية المحكمة الجنائية الدولية. لكن ترامب قرر إرسال رسالة قوية من خلال استضافة بوتين "في أقصى ولاية أمريكية شمالية". وبهذا يظهر الرئيس الأمريكي ثقته في أنه يستطيع جلب الزعيم الروسي إلى الأراضي الأمريكية من أجل السلام، دون إثارة العاصفة السياسية التي قد يسببها حضور بوتين في واشنطن مثلاً. فألاسكا بعيدة بما يكفي عن مراكز القوة والسياسة الداخلية، لكنها تحت الولاية الأمريكية – ما يوفر مساحة هادئة ولكن ذات سيادة للحوار بين الزعيمين.

النتائج المحتملة على أمن الطاقة

إن أحد المحاور التي ستحظى باهتمام خاص خلال القمة هو تأثير الحرب الأوكرانية على أسواق الطاقة العالمية. فقد أدت العقوبات الغربية على روسيا إلى إعادة تشكيل سلاسل التوريد، ودفعت أوروبا إلى البحث عن بدائل للغاز والنفط الروسيين. وفي المقابل، وجهت موسكو صادراتها نحو آسيا، وخاصة الصين والهند. ومن الممكن أن يتناول ترامب وبوتين مسألة إعادة فتح قنوات التجارة في مجال الطاقة بين روسيا والغرب، ما قد يخفف من ضغط الأسعار على المستهلكين العالميين.

ويرى بعض الخبراء أن اتفاقاً في هذا المجال قد يتضمن ترتيبات خاصة للغاز الطبيعي المسال عبر ألاسكا أو القطب الشمالي، مما يتيح لروسيا منفذاً إضافياً للأسواق الدولية ويمنح الولايات المتحدة حصة في مشاريع الطاقة المستقبلية. لكن مثل هذه الخطوة ستكون مثيرة للجدل، خاصة في أوروبا، حيث ما زال الاعتماد على الطاقة الروسية يُعتبر خطراً استراتيجياً.

تأثيرات محتملة على البلقان

إلى جانب أوكرانيا، يُتوقع أن يلامس اللقاء قضايا أخرى مرتبطة بالاستقرار الإقليمي، ومن بينها البلقان. فقد أشار بعض المحللين إلى أن التفاهم بين واشنطن وموسكو قد يساعد على تهدئة التوترات في البوسنة والهرسك، حيث يتهم الغرب روسيا بدعم القوى الانفصالية. ويعتقد هؤلاء أن رسالة مشتركة من ترامب وبوتين تدعو إلى احترام وحدة أراضي البوسنة قد تضعف الحركات الانفصالية وتعيد الزخم لمسار الإصلاحات.

لكن هناك أيضاً من يحذر من أن أي صفقة قد تمنح روسيا نفوذاً أكبر في المنطقة مقابل تنازلات في أوكرانيا، مما قد يعيد رسم موازين القوى في جنوب شرق أوروبا لصالح موسكو. وهذا قد يثير مخاوف في العواصم الأوروبية، خاصة في بروكسل وزغرب وسراييفو.

توقعات وحذر

رغم كل الآمال المعلقة على هذا اللقاء، يبقى الحذر سيد الموقف. فقد شهد العالم من قبل قمماً كبرى بين قادة كبار لم تسفر عن نتائج ملموسة، أو سرعان ما تلاشت نتائجها. ويشير المراقبون إلى أن شخصيتي ترامب وبوتين القويتين، مع قدرتهما على اتخاذ قرارات مفاجئة، قد تنتج عنهما لحظة اختراق… أو فشل مدوٍ.

وبينما يترقب العالم أحداث 15 آب/أغسطس في ألاسكا، يبقى السؤال الأهم: هل سيكون هذا الاجتماع بداية لمرحلة جديدة من التعاون بين واشنطن وموسكو، أم مجرد فصل آخر في كتاب الأزمات العالمية؟ الإجابة ستحدد شكل النظام الدولي في السنوات القادمة.

/ / /

"Standard Prva" LLC Bijeljina هي شركة مسجلة في بييلينا في المحكمة التجارية في بييلينا. تشمل أنشطة الشركة المحاسبة وشراء الديون واستثمار رأس المال وخدمات أخرى ذات صلة. تعتبر الديون المتعثرة جزءًا من المجموعة التي تقوم فيها الشركة بشراء الديون التي تعمل ولم تعود بانتظام. مكتب المحاماة Stevanović هو المكتب الرائد للمحاماة في المنطقة مع مقر في بييلينا. تعبر اختصار LO عن مكتب محاماة Vesna Stevanović ومكتب محاماة Miloš Stevanović. للاتصال: press@advokati-stevanovic.com أو عبر الهاتف 00387 55 22 4444 أو 00 387 55 230 000.

حقوق النشر (ج) Standard Prva d.o.o. بييلينا 2024. كل الحقوق محفوظة. يتم تقديم الخدمات القانونية حصريًا من قبل مكتب محاماة فيسنا ستيفانوفيتش أو ميلوش ستيفانوفيتش من بييلينا. تقدم خدمات المحاسبة من قبل "ستاندارد برفا" d.o.o. يتم توفير الخدمات السكرتارية والخدمات ذات الصلة من قبل "يونايتد ديفلوبمنت" d.o.o. بييلينا.