زخم جديد في العلاقات الاقتصادية بين الهند وروسيا: زيارة بوتين إلى نيودلهي 2025

زخم جديد في العلاقات الاقتصادية بين الهند وروسيا: زيارة بوتين إلى نيودلهي 2025

08.12.2025

شهدت نيودلهي لقاءً بين الوفدين الهندي والروسي خلال الزيارة الرسمية للرئيس فلاديمير بوتين في ديسمبر 2025.
لقد شكّلت زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى الهند في 4–5 ديسمبر 2025 مرحلة جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين. فقد عُقدت القمة السنوية الـ23 بين الهند وروسيا، والتي صادفت كذلك مرور 25 عامًا على الشراكة الاستراتيجية التي تأسست خلال أول زيارة لبوتين إلى نيودلهي عام 2000.
وأكد القادة الطابع الخاص لـ"الشراكة الاستراتيجية الخاصة والمتميزة"، مشيرين إلى الثقة المتبادلة واحترام المصالح الوطنية.
ووصف رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الصداقة بين البلدين بأنها "ثابتة مثل نجم القطب" في عالم متغير، ومبنية على الاحترام والثقة المتبادلين.
من جهته، أشاد الرئيس بوتين بنيودلهي لسياستها السيادية وصمودها أمام الضغوط الخارجية، مؤكداً استعداد الهند لمواصلة الاستثمار في الشراكة المشتركة.
فيما يلي أبرز المستجدات في التعاون الاقتصادي بين الجانبين التي تحققت خلال هذه الزيارة — من التجارة، مروراً بالطاقة والدفاع، وصولاً إلى المشاريع الاستراتيجية — مدعومة ببيانات وتصريحات من الطرفين.

التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي

شهد التبادل التجاري بين الهند وروسيا نمواً كبيراً في السنوات الأخيرة. فقد ارتفع حجم التجارة الثنائية من نحو 10 مليارات دولار قبل عام 2022 إلى ما يقارب 69 مليار دولار في عام 2025.
ويُعزى هذا الارتفاع إلى زيادة غير مسبوقة في واردات الهند من النفط الروسي بأسعار تفضيلية، ما جعل روسيا أحد أكبر مورّدي الطاقة للهند.

ومع ذلك، ظل الميزان التجاري غير متكافئ — إذ لا تتجاوز الصادرات الهندية إلى روسيا 5 مليارات دولار، مقابل أكثر من 64 مليار دولار واردات من روسيا، مما يترك للهند عجزاً يبلغ نحو 64 مليار دولار.
وقد اتفق الطرفان على العمل المشترك لتقليص هذا الخلل، خصوصاً عبر زيادة الصادرات الهندية وتنويع هيكل التجارة.

اعتمد القادة خلال الاجتماع برنامج التعاون الاقتصادي حتى عام 2030 (“Programme 2030”)، وهو خطة طموحة تهدف إلى رفع التبادل التجاري إلى 100 مليار دولار سنوياً بحلول 2030، أي مضاعفة المستوى الحالي تقريباً.
واصلت التجارة الثنائية ارتفاعها بنسبة 12% العام الماضي، ويتوقع الحفاظ على نفس الوتيرة في 2025.

كذلك كثّفت الحكومتان المباحثات بشأن اتفاق تجارة حرة بين الهند والاتحاد الاقتصادي الأوراسي (EAEU)، بما يتيح إزالة الحواجز الجمركية المتبقية.

خطوة مهمة أخرى هي إزالة الدولرة من التجارة بين البلدين. فقد أكد بوتين أن 96% من المعاملات تتم الآن بالعملات الوطنية — الروبية الهندية والروبل الروسي — مما يسمح باستمرار التجارة رغم العقوبات الدولية.
وتم وضع آليات للتسوية المباشرة بالعملات المحلية وربط أنظمة الدفع بين البلدين، مما قلّل الاعتماد على الدولار وخفّض المخاطر الخارجية.
كما اتفق الجانبان على تعزيز الممرات اللوجستية — بما في ذلك تطوير ممر الشمال–الجنوب (INSTC) والخط البحري تشيناي–فلاديفوستوك.

وُقّعت خلال الزيارة سلسلة من مذكرات التفاهم بين الوزارات المعنية، تشمل مجالات الزراعة وصناعة الأسمدة والقطاع الدوائي وتكنولوجيا المعلومات.
واتُّفق على توريد الأسمدة الروسية للهند على المدى الطويل، مع إمكانية إنشاء مشاريع مشتركة.
كما أعربت روسيا عن اهتمامها باستيراد المنتجات الزراعية والسمكية الهندية بعد حل العقبات التنظيمية.
ويرى مودي أن هذه الاتفاقيات سترفع "الشراكة الاقتصادية الهندية الروسية إلى آفاق جديدة"، مؤكداً استعداد البلدين لـ"تسريع" تعاونهما الاقتصادي.

التعاون في مجال الطاقة كعمود رئيسي للشراكة

يحتل قطاع الطاقة مكانة مركزية في العلاقات بين موسكو ونيودلهي.
وقد صرح مودي بأن أمن الطاقة أحد أهم ركائز الشراكة مع روسيا.
وفي الواقع، أصبحت روسيا أكبر مورّد للنفط الخام إلى الهند في العامين الماضيين.
ففي عام 2025، جاء أكثر من 30% من واردات الهند النفطية من روسيا بأسعار تفضيلية بعد العقوبات الغربية.

وأكد بوتين خلال القمة أن روسيا ستظل "مورّداً موثوقاً لموارد الطاقة" للهند، وهي "مستعدة لمواصلة الإمدادات دون انقطاع" لتلبية احتياجات الاقتصاد الهندي المتنامي.
وكان هذا التصريح موجهاً أيضاً إلى الدول الغربية التي تضغط على الهند لخفض تعاونها مع موسكو.

وبالرغم من هذه الضغوط، أكدت الهند أنها ستواصل شراء الطاقة الروسية لتلبية حاجاتها التنموية.
وأوضح بوتين أن التعاون في الطاقة بين البلدين "غير حساس للظروف الحالية والضغوط السياسية المؤقتة".
وأشار إلى أن دولاً غربية، مثل الولايات المتحدة، لا تزال تشتري الوقود النووي الروسي، متسائلاً:
"إذا كان من حق أمريكا شراء وقودنا (اليورانيوم)، فلماذا لا يكون للهند الحق نفسه؟"

إلى جانب النفط والغاز، توسّع التعاون إلى مجالات أخرى مثل التكرير والبتروكيماويات والغاز الطبيعي المسال (LNG) والغاز النفطي المسال (LPG)، بالإضافة إلى تقنيات مبتكرة مثل تغويز الفحم تحت الأرض.

ويشكل الطاقة النووية المدنية محوراً رئيسياً للتعاون.
فقد أكد الجانبان استمرار العمل في محطة كودانكولام النووية في تاميل نادو، وبناء وحدات مفاعلات جديدة بتكنولوجيا VVER الروسية.
كما تخطط الهند لافتتاح موقع جديد لمحطة نووية بدعم التكنولوجيا الروسية، في إطار سعيها لرفع قدرتها النووية إلى 100 غيغاواط بحلول عام 2047.

الصناعة العسكرية والتعاون الدفاعي

لطالما كانت العلاقات العسكرية–التقنية إحدى ركائز العلاقات بين موسكو ونيودلهي.
ولا تزال روسيا أكبر مورّد منفرد للأسلحة إلى الهند، رغم سعي نيودلهي لتنويع مصادر أسلحتها.

وخلال الزيارة، اتفق الجانبان على إعادة تشكيل العلاقات الدفاعية لتتماشى مع التحديات المعاصرة.
وانتقل التركيز من علاقة بيع وشراء إلى التطوير والإنتاج المشترك ونقل التكنولوجيا، بما يتماشى مع مبادرة "صنع في الهند".

عُقدت في 4 ديسمبر جلسة اللجنة الحكومية المشتركة للتعاون العسكري–التقني (IRIGC-M&MTC)، وتضمنت تحديد خطوات لتعزيز الشراكة الصناعية العسكرية.
واتفق الجانبان على استمرار مناورات "INDRA" المشتركة، وتبادل الوفود العسكرية.
وتم التركيز على إنتاج قطع الغيار والذخائر داخل الهند لأنظمة السلاح الروسية الموجودة لدى الجيش الهندي.

ووافقت روسيا على نقل التكنولوجيا وإنشاء مشاريع مشتركة تتيح تصنيع مكونات الدبابات والطائرات والأسلحة الروسية داخل الهند، مما يقلل الاعتماد على الاستيراد.
ومن المتوقع أن تشمل هذه المشاريع إنتاجاً موجهاً لدول ثالثة صديقة، ما قد يجعل الهند مركزاً إقليمياً لصيانة وتوريد التكنولوجيا العسكرية الروسية.

ولم يُعلن خلال القمة عن صفقات أسلحة كبرى جديدة، لكن تم التأكيد على التزام الطرفين بشراكة دفاعية طويلة الأمد رغم الضغوط الخارجية.

الشراكة الاستراتيجية والمشاريع الجديدة

أكد لقاء بوتين ومودي أن العلاقات بين نيودلهي وموسكو تظل أولوية ومحصنة ضد التحديات العالمية.
وذكر البيان المشترك أن البلدين، رغم "الوضع الجيوسياسي المعقد وغير المؤكد"، حافظا على شراكتهما الوثيقة، وأن علاقتهما "مقاومة للضغوط الخارجية" وتشكل عامل استقرار عالمي.

وتأتي هذه الرسالة في ظل الحرب في أوكرانيا وجهود الغرب لعزل روسيا.
وقد أوضحت الهند أنها، باعتبارها دولة ذات سياسة خارجية مستقلة منذ حركة عدم الانحياز، لن تضحي بصداقتها التاريخية مع موسكو.
وأعاد مودي التأكيد على موقف الهند من الأزمة الأوكرانية قائلاً إن "الهند تقف مع السلام" وأن "هذا ليس زمن الحرب"، دون إدانة مباشرة لروسيا.

وشملت القمة مبادرات استراتيجية للمستقبل، خاصة في مجال الاتصال والبنية التحتية.
واتفق الطرفان على تسريع العمل في ممر INSTC وخط فلاديفوستوك–تشيناي البحري.
وتستثمر الهند بشكل متزايد في الشرق الأقصى الروسي، ضمن برنامج تعاون لمدة خمس سنوات (2024–2029)، يشمل قطاعات الزراعة والتعدين والطاقة والماس والنقل.
كما تسعى الشركات الهندية للمشاركة في مشاريع استخراج المعادن الحيوية الروسية اللازمة للصناعات التكنولوجية.

ويمتد التعاون إلى القطب الشمالي، حيث رحبت روسيا بمشاركة خبراء هنود في المنتدى القطبي الدولي في مورمانسك، ودعمت دور الهند كمراقب في مجلس القطب الشمالي.
وترى الهند فرصاً للوصول إلى الموارد والمسارات القطبية، بما في ذلك طريق البحر الشمالي.

وتعزز التعاون أيضاً في مجال التكنولوجيا المتقدمة — إذ تعمل وكالة الفضاء الهندية ISRO مع روسكوسموس في مشاريع رحلات مأهولة وملاحة فضائية وأبحاث كوكبية، إضافة إلى نقل خبرات المحركات الصاروخية الروسية إلى الهند.
وفي مجال التكنولوجيا الرقمية، اتُّفق على إطلاق مشاريع مشتركة في الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني وغيرها.

دولياً، يدعم البلدان بعضهما في المحافل المتعددة.
وقد جددت روسيا دعمها القوي لعضوية الهند الدائمة في مجلس الأمن.
ويتعاون البلدان ضمن BRICS ومنظمة شنغهاي للتعاون، ويؤيدان نظاماً عالمياً متعدد الأقطاب.
وبعد القمة مباشرة، استلمت الهند رئاسة BRICS لعام 2026 بدعم روسي كامل.

خاتمة

أظهرت زيارة بوتين للهند في ديسمبر 2025 بوضوح أن العلاقات بين موسكو ونيودلهي دخلت مرحلة جديدة تتسم بتعاون اقتصادي مكثف وتفاهم استراتيجي عميق.
وفي ظل الاضطرابات الجيوسياسية العالمية، وجه البلدان رسالة بأن صداقتهما ثابتة وقادرة على التكيف.
وتثبت الاتفاقيات المتعلقة بالتجارة والطاقة والدفاع والبنية التحتية عزمهما على تحديث الشراكة وتعميقها لصالح الطرفين.
كما عكست اللفتات الدبلوماسية — مثل استقبال مودي الشخصي لبوتين في المطار ومرافقته له على العشاء — مستوى من القرب يتجاوز البروتوكول.
وقد أكدت الهند وروسيا من خلال هذه القمة أنهما تخططان لتعاون طويل الأمد، متنوع ومحصّن ضد التحديات، محافظتين على علاقة امتدت لعقود و"صمدت دائماً أمام اختبار الزمن".

/ / /

"Standard Prva" LLC Bijeljina هي شركة مسجلة في بييلينا في المحكمة التجارية في بييلينا. تشمل أنشطة الشركة المحاسبة وشراء الديون واستثمار رأس المال وخدمات أخرى ذات صلة. تعتبر الديون المتعثرة جزءًا من المجموعة التي تقوم فيها الشركة بشراء الديون التي تعمل ولم تعود بانتظام. مكتب المحاماة Stevanović هو المكتب الرائد للمحاماة في المنطقة مع مقر في بييلينا. تعبر اختصار LO عن مكتب محاماة Vesna Stevanović ومكتب محاماة Miloš Stevanović. للاتصال: press@advokati-stevanovic.com أو عبر الهاتف 00387 55 22 4444 أو 00 387 55 230 000.

حقوق النشر (ج) Standard Prva d.o.o. بييلينا 2025. كل الحقوق محفوظة. يتم تقديم الخدمات القانونية حصريًا من قبل مكتب محاماة فيسنا ستيفانوفيتش أو ميلوش ستيفانوفيتش من بييلينا. تقدم خدمات المحاسبة من قبل "ستاندارد برفا" d.o.o. يتم توفير الخدمات السكرتارية والخدمات ذات الصلة من قبل "يونايتد ديفلوبمنت" d.o.o. بييلينا.

Quality and Luxury in Everything we doWorld of Standard